Salah Osman

Menoufia University, Egypt
  •  212
    كان من الطبيعي أن ينصب اهتمام العالم خلال الشهور الأخيرة على فيروس كورونا وكيفية تجاوز جائحته بأقل خسائر مُمكنة، فقد بلغ عدد قتلاه حتى اليوم (2 يونيو 2020) 380.265 شخص، وبات الاقتصاد في حالة فوضى يُرثى لها، وتقلصت حياة البشر وخُطتهم اليومية والمستقبلية بشكلٍ شبه كامل، وتعثرت الدراسة بالمدارس والجامعات، واضطرب الأداء الحكومي في أغلب بلدان العالم، ... إلخ. لكن تركيز الجميع على مشكلةٍ بعينها في عالمٍ يعج بالمشكلات من شأنه أن يُقوض كافة الجهود التي بُذلت أو تُبذل من أجل مستقبلٍ أفضل، لاسيما إن كانت …Read more
  •  206
    لم نعد بحاجة إلى فانوس سحري نمسح عليه بأصابعنا لكي يخرج منه المارد القادر على خدمتنا وتلبية بعض أهم مطالبنا الحياتية، ولم نعد بحاجة إلى تعويذات نلج بها في عالم السحر والخيال؛ لقد خرج المارد بالفعل من قمقمه الحاسوبي؛ من جوف مختبرات البرمجة والذكاء الاصطناعي، بتعويذات (أكواد) رياضية رمزية سرعان ما تمكن من التهامها وهضمها، ليبيت قادرًا على إنتاج تعويذات أخرى مماثلة، وربما أفضل منها! خرج «المُحول التوليدي المدرب مُسبقًا»، المعروف اختصارًا باسم «جي بي تي»، ملوحًا بإمكانات بحثية وخدمية وإنتاجية هائلة،…Read more
  •  204
    «جمباز العقل»، هكذا وصف الفيلسوف الأمريكي «رالف والدو إمرسون» نشاط المشي، بينما وصفه الكاتب الأمريكي «كريستوفر أورليت» بأنه «جمنازيوم العقل»، في إشارة إلى البُعد التأثيري للمشي كحافزٍ على الإبداع والتفكير. لقد كان «سقراط» يُمارس التفلسف مشيًا في شوارع أثينا؛ وسُمي تلاميذ «أرسطو» في اليونان القديمة بـ «المشائين» لأن مُعلمهم كان من عادته أن يُلقي عليهم دروسه ماشيًا، ولأنهم كانوا يقضون أغلب وقتهم في العصف الذهني مشيًا عبر بساتين أكاديمية أفلاطون؛ كما عُرفت المدرسة الرواقية بهذا الاسم نسبة إلى «الرو…Read more
  •  199
    زُرت الصين في أوائل ديسمبر الماضي (2019) للمشاركة في مؤتمرٍ علمي، وقضيت بضعة أيام في مقاطعة ووهان قبل أقل من شهرٍ تقريبًا من اندلاع أزمة كورونا. حملت معي (كعادتي في كل رحلة خارج الوطن) دفتر يومياتي لأدون ملاحظاتي عن بلدٍ أزوره لأول مرة، مدفوعًا بشغف المقارنة بين بلدين يجمعهما دفء الاقتصاد وتُفرقهما برودة السياسة؛ الأولى هي الصين بكل ما لها من ثقل تجاري وتاريخٍ قمعي، والثانية هي اليابان (التي زرتها منذ بضعة سنوات لإلقاء محاضرة عامة) بكل ما بها من ارتقاءٍ حضاري وتسامحٍ سياسي وديني! وبعد رحلة سفر ط…Read more
  •  198
    وفقًا لأحدث التقارير، هناك أكثر من مائة وأربعين تركيبة كيميائية تخضع الآن للتجارب على مستويات مختلفة، كما استثمرت الحكومات والمؤسسات الكبرى مثل مؤسسة «بيل وميليندا جيتس» مليارات الدولارات لتمويل البحث عن «الرصاصة الفضية» Silver Bullet السحرية التي من شأنها القضاء على الفيروس العنيف والمُراوغ. وما زالت كثرة من البروتوكولات المتعلقة بتطوير اللقاح المُنتظر – ونتائج تجاربها على البشر – مُحاطة بالسرية في ظل التنافس المحموم على أخذ زمام المبادرة
  •  196
    حتى لو لم يكن لدينا الآن ما نفعله إزاء عالمٍ يُواجه قسرًا تفكيك بنيته الأيديولوجية والاقتصادية، فلا أقل من أن نسعى لفهمه، لعلنا بالفهم نُسهم في إعادة بنائه. قال أحدهم ذات يومٍ: لا عاصم اليوم من طوفان العولمة، فلنكن إذن على ظهر السفينة وإن كنا نجهل وجهتها، وقال آخر: بل هي أكذوبة القوي على الضعيف، تحملنا إلى ساحاتٍ تتماهى فيها الحدود والقوميات والثقافات وفق أنموذجٍ أوحد للتعايش، وهل ثمة ما يدعو للاغتباط أكثر من رؤية البشر وقد خرجوا من كهوف الهوية والتاريخ واللون لينعموا بدفء البنية الحياتية الواحد…Read more
  •  191
    نحن مقيمون على الإنترنت، نرسم معالم دنيانا التي نبتغيها من خلاله، ونُمارس تمثيل شخصياتٍ أبعد ما تكون عنا؛ نحقق زيفًا أحلامًا قد تكون بعيدة المنال، ويُصدق بضعنا البعض فيما نسوقه من أكاذيب ومثاليات؛ ننعم بأقوالٍ بلا أفعال، وقلوبٍ بلا عواطف، وجناتٍ بلا نعيم، وألسنة في ظلمات الأفواه المُغلقة تنطق بحركات الأصابع، وحريةٍ مُحاطة بأسيجة الوهم؛ ومن غير إنترنت سيبدو أكثر الناس قطعًا بحجمهم الطبيعي الذي لا نعرفه، او بالأحرى نعرفه ونتجاهله! لا شك أن ظهور الإنترنت واتساع نطاق استخداماته يُمثل حدثًا فريدًا مت…Read more
  •  182
    لا تُخبرني عن الوقت في غرفة مليئة بالساعات! حسنًا، لكن ماذا لو كنت في هذه الغرفة وأنت عاجزٌ عن معرفة الوقت، أو كنت تعرفه لكنك لا تستطيع استثماره؟ تاريخٌ طويل لأخلاقيات البيولوجيا، وأخلاقيات الطب، وأخلاقيات المهنة، أصبح اليوم على المحك؛ آلاف المؤتمرات واللجان والمنشورات بدت وكأنها بلا نفع أو تأثير يُذكر اليوم! ففي خضم الأزمة الدولية الخانقة لفيروس كورونا أدرك كثيرون أن ثمة فرقًا هائلاً بين أن تقوم بالتنظير الأخلاقي وأن تلتمس تطبيقه؛ وأن لأخلاقيات الدول والحروب – أيًا كانت طبيعتها – قواعد ومع…Read more
  •  181
    الأمن في الغالب خرافة؛ فلا وجود له في الطبيعة، ولا ينعم به بنو البشر ككل. تجنب الخطر ليس أكثر أمانًا على المدى الطويل من التعرض المباشر له، الحياة إما مغامرة جريئة، أو لا شيء»! مقولة للأديبة الأمريكية «هيلين كيلر»، تُقتبس عادةً في سياقات برامج التنمية البشرية؛ فلأن تُواجه الخطر وأنت حُر ٌخيرٌ لك من أن تلتمس الأمن وأنت ترزح تحت وطأة العبودية؛ ولأن تتجاوز مخاوفك التي تُحذرك من الخطر أكرم لك من أن تستسلم لحياتك البائسة عاجزًا! لكن المقولة – كغيرها من كثرة من المقولات – لم تعد تحفيزية كما قد يُوحي م…Read more
  •  174
    في كتابهما المُشترك «الطاعون الأبيض» سنة 1952، وصف عالما الاجتماع «رينيه جول دوبو» وزوجته «جين بورتر دوبو» الأمراض بالديناميات التي قسَّمت عصور التاريخ البشري. ولا غرو، ففي سنة 327 قبل الميلاد أدى مرض الملاريا إلى فشل حملة الإسكندر الأكبر على الهند، ومع هذا الفشل تغير مسار التاريخ في المجتمعات الشرقية والغربية؛ وفي سنة 541 م عمل طاعون جستنيان (وهو وباء طاعون دملي) على تقويض أسس الإمبراطورية البيزنطية؛ كذلك ساهم طاعون مُسلم بن قتيبة (وهو اسم أول من مات به) سنة 748 م في إسقاط الخلافة الأموية وقيام…Read more
  •  174
    في علم الأوبئة، يمثل رقم التكاثر الأساسي عدد الحالات التي تُنتجها حالة واحدة مُصابة خلال فترة العدوى بين مجموعة غير مُصابة،. وبصفة عامة، إذا كان رقم التكاثر أقل من (1)، فإن فرصة العدوى ستتضاءل حتى يختفي المرض تمامًا، أما إن كان أكبر من (1)، فإن كل شخص مُصاب سوف ينقل العدوى إلى شخصٍ آخر على الأقل، مع الوضع في الاعتبار عدم تجانس المجتمعات من حيث نمط الحياة. وتتراوح التقديرات الحالية لعدد التكاثر الأساسي لفيروس كورونا المستجد (أو كوفيد-19) بين 2 و3، ليقترب بهذا من عدد التكاثر الأساسي لفيروس «سارس»…Read more
  •  168
    نعني بالتكنولوجيا العصبية كافة التقنيات المُطَّورة لفهم الدماغ وتصور عملياته، وكذلك التحكم في وظائفه بهدف توجيهها أو إصلاحها أو تحسينها. وعلى الرغم من أن تخطيط كهربية الدماغ يرجع إلى ما يقرب من قرن من الزمان، إلا أن أول اختراق كبير في هذا المجال قد تحقق في العقود الأخيرة مع بدء فحص الدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، حيث سمحت هذه التقنية للباحثين، من بين أمور أخرى، بتحديد مناطق الدماغ التي يتم تنشيطها أو تعطيلها أثناء أداء مهام معينة، ومن ثم تطرقت التكنولوجيا العصبية إلى مجالات أخرى عادة…Read more
  •  165
    تأملات في عالم ما بعد الحقيقة
    With Mind We Start Academy. 2021.
    لا شك أن بعض الوصايا التي تحملها أحجار جورجيا الإرشادية يتسم بالحكمة والنبل، ومن ثم يستحق الثناء ومحاولة التطبيق، لكن أغلبها في الحقيقة يحمل أفكارًا تستدعي بقوة نظريات المؤامرة بأشكالها المختلفة، لاسيما تلك التي تتعلق بطوفان العولمة وهيمنة رأس المال وبقاء الأصلح ومناهضة الأديان. لا شك أيضًا أن ثمة تفسيرًا جديرًا بالتأمل لهالة الغموض التي أحيط بها النُصب وبُناته، مؤداه أن هذا الغموض لا يعدو أن يكون مجرد نوعٍ من أنواع الترويج السياحي للنُصب ولولاية جورجيا، لكن الأحداث الجارية تقدم سببًا للتوقف وإع…Read more
  •  162
    في الرابع من أكتوبر (2022)، أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في ستوكهولم منح جائزة نوبل في الفيزياء لثلاثة فيزيائيين من جنسيات مختلفة؛ هم: الفرنسي «آلان أسبيه»، والأمريكي «جون فرانسيس كلاوزر»، والنمسوي «أنطون تسايلينغر»، تقديرًا لتجاربهم الرائدة في ميدان ميكانيكا الكم، وبصفة خاصة على صعيد ما يُعرف بالفوتونات المتشابكة، ما يُمهد الطريق لتقنيات جديدة في الحوسبة الكمومية والاتصالات فائقة الأمان. لفهم ما يعنيه هذا، ولماذا اكتسب عملهم هذه الأهمية، نحتاج إلى فهم كيف حسمت هذه التجارب نقاشًا طوي…Read more
  •  157
    التواصل الصامت والخفي: تكنولوجيا قراءة العقل بين الواقع والخيال وأبعادها الفلسفية
    مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية 44 (510). 2021.
    التواصل في أوسع مفاهيمه هو تلك العملية التي يتم من خلالها نقل وتبادل الأفكار والمعلومات والمشاعر مع الآخرين. وتتم هذه العملية عادةً من خلال التحدث أو الكتابة، لكن ثمة تواصل غير منطوق أو مكتوب؛ مثل لغة الجسد، والتواصل الإشاري، وتواصل المرء مع نفسه بالتفكير في تجاربه الذاتية ومعطيات واقعه. ولئن كانت ثمة سمةٌ تُميز عالمنا المُعاصر عما عداه فيما يتعلق بعملية التواصل، فإن هذه السمة بلا مُنازع هي ثورة تكنولوجيا المعلومات التي تغشى كافة تفاصيل حياتنا اليومية. إن تطوير الحوسبة (عتادًا وبرمجيات)، وتنامي …Read more
  •  153
    ماذا يحدث إذا أبصر الأعمى فجأة، هل سيتخلص فورًا من «عُكازه»؟ أو بعبارة أخرى، هل سيُدرك بالرؤية ما كان يدركه باللمس (عُكازه) بحيث يستطيع تمييزه من بين كافة الأشياء، وتحديد هويته، وبناء خبرة حسية تُطابق بين الجسم الملموس والجسم المرئي؟ تلك هي المشكلة التي حيرت الفكر الفلسفي لبضعة قرون، وشغلت – وما زالت تشغل – حيزًا هامًا من مناقشات علماء النفس وطب العيون والفسيولوجيا العصبية في عالمنا المعاصر.
  •  147
    لا تأخذ الأمر على محملٍ شخصي؛ فحين يتعلق الأمر بالمرض والموت، يتلاشى الاهتمام بما إذا كنت صديقي أو قريبي أو جاري أو شخصًا غريبًا عني؛ لا تعنيني الآن هويتك أو علمك أو سياستك، ولا يشغلني أين أو ماذا تعمل، أو ما إذا كنت تعمل أصلاً، ولا يختلف الأمر عندي سواء أكنت ترتدي قناعًا أو تحمل مسدسًا أو تُمسك قلمًا! في الوقت الحالي، أنا لا أثق بك؛ فأنت بالنسبة لي حاملٌ محتملٌ لفيروس قاتل!
  •  143
    لا شك أن بعض الوصايا التي تحملها أحجار جورجيا الإرشادية يتسم بالحكمة والنبل، ومن ثم يستحق الثناء ومحاولة التطبيق، لكن أغلبها في الحقيقة يحمل أفكارًا تستدعي بقوة نظريات المؤامرة بأشكالها المختلفة، لاسيما تلك التي تتعلق بطوفان العولمة وهيمنة رأس المال وبقاء الأصلح ومناهضة الأديان. لا شك أيضًا أن ثمة تفسيرًا جديرًا بالتأمل لهالة الغموض التي أحيط بها النُصب وبُناته، مؤداه أن هذا الغموض لا يعدو أن يكون مجرد نوعٍ من أنواع الترويج السياحي للنُصب ولولاية جورجيا، لكن الأحداث الجارية تقدم سببًا للتوقف وإع…Read more
  •  140
    سقراط وتهمة إهانة الآلهة
    With Mind We Start Academy. 2021.
    لما يقرب من نصف قرن، سُمح لسقراط بممارسة التفلسف دون عوائق في شوارع مسقط رأسه، حيث كان السعي وراء المعرفة بالنسبة له ضروريًا كالهواء الذي نتنفسه، قد لا نعرف عنه على وجه اليقين سوى مقولته المشهورة: «الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أنني لا أعرف شيئًا» ولكن للأسف لا يوجد دليلٌ حقيقي على نسبة هذه المقولة إليه، حيث تم توثيقها لأول مرة من قبل «شيشرون» بعد أكثر من ثلاثمائة عام من إعدام «سقراط» في أثينا سنة 399 قبل الميلاد! لكن المؤكد، وفقًا لكُتاب سيرته الذاتية: «أفلاطون» و«زينوفون»، أنه لم يكن يبحث فقط عن …Read more
  •  135
    تُعلمنا الفلسفة كيف نُفكر»، عبارةٌ تتردد كثيرًا على ألسنة أساتذة الفلسفة أمام طلابهم الجُدد، وربما في حواراتهم وحلقاتهم البحثية التي لا تعكس قطعًا نمط حياتهم اليومية. قد تصيبك العبارة بالدهشة، ليس فقط لأن مجرد حضورك لدرسٍ فلسفي يُعد دليلاً كافيًا على أنك تعرف كيف تفكر! بل ولأنك قد تتساءل ساخرًا: حتى إن لم أكن أعرف كيف أفكر، فماذا أفعل بالتفكير في مكانٍ وزمانٍ يُعد فيه التفكير جريمة تودي بمقترفها إلى الهلاك، وتُلقي به في غيابة الحُزن والفقر والمعاناة والنبذ المجتمعي؟! لكنك ستُدرك بعد حين مدى قوة …Read more
  •  131
    تُخبرنا النظرية الحاسوبية للعقل (أو مذهب الحوسبة)، أن عقولنا تُشبه الحواسيب في عملها؛ أي أنها تتلقى مدخلات من العالم الخارجي، ثم تُنتج بالخوارزميات مخرجات في شكل حالات ذهنية أو أفعال. وبعبارة أخرى، تذهب النظرية إلى أن الدماغ لا يعدو أن يكون معالج معلومات؛ حيث يكون العقل بمثابة «برمجيات» (سوفت وير) تعمل على «جهاز» هو الدماغ (هارد وير). وما دام العقل مجرد برمجيات تخضع للحوسبة الفيزيائية بواسطة الأدمغة، أليس من الممكن إذن منطقيًا نقلها إلى أي حاسوب مثلما نقوم بنقل أية برمجيات أخرى؟
  •  129
    لا شك أن حقيقة موتنا هي أهم حقيقة عنا، على حد تعبير الفيلسوف الأمريكي «تود جيفورد ماي»؛ قد يكون الموت مأساويًا وتعسفيًا ولا معنى له للوهلة الأولى، لكنه في الوقت ذاته يفتح أمامنا الحياة الكاملة التي لم تكن لتوجد بدونه! فكيف يمكن أن نعيش في مواجهة النفي التام؟ كيف يجب أن نفكر في الموت؟ وهل يجب على الأطباء، الذين يُتهمون أحيانًا بأنهم دجالون يبيعون وهم الخلود، أن ينتبهوا أكثر لفلسفة الموت؟
  •  125
    يوريكا ... كثيرًا ما تُستخدم هذه الكلمة للإشارة إلى لحظة الكشف العلمي، تلك اللحظة الفارقة التي تُولد فيها فجأة فكرةٌ عبقرية في ذهن العالِم أو الباحث، فتفصل بين ما هو غير موجود وما هو موجود، أو بالأحرى بين ما هو غير معروف للمجتمع العملي وما هو سائد ومستهلك حتى بات غير مُشبع لمعالجة المزيد من الوقائع. فما الذي يدفع إلى مثل هذه اللحظة، وماذا يُمكننا أن نفعل لكي تأتي إلينا ونختبرها بشكلٍ مُتكرر؟!
  •  119
    في كتابه «حين وقع سقراط في الحب: صناعة فيلسوف»، الصادر في مارس من سنة 2019 عن دار «بلومبزبري» البريطانية، يُقدم الكاتب والموسيقي البريطاني «أرماند دانجور» (أستاذ الكلاسيكيات بجامعة إكسفورد) طرحًا مثيرًا وجديرًا بالنظر حول حياة «سقراط» المُبكرة، ومدى تأثير فترة الشباب بما فيها من زخمٍ عاطفي على الرجل الذي نثر بذور الحكمة في أثينا، ودافع عنها حتى حوكم وأعدم إيمانًا بها! الكتاب لا ينبش فقط في أحداث تلك الفترة المُبكرة المُهملة من تاريخ الفلسفة السقراطية، بل يسعى بقوة إلى رسم ملامح الدور المُستبعد –…Read more
  •  113
    قد يكون الانقراض البشري مادة كوابيس تُنذر بتدمير الحضارة الحديثة برُمتها، ولئن كانت الثقافة الشعبية تميل إلى التركيز فقط على أكثر الاحتمالات إثارة؛ كتوقع اصطدام كويكب عملاق بالأرض (فيلم الخيال العلمي الأمريكي «أرمجدون»: 1998)، أو توقع غزو فضائي للأرض (فيلم الخيال العلمي الأمريكي «يوم الاستقلال»: 1996)، فإن التركيز على مثل هذه السيناريوهات قد يعني تجاهل أخطر التهديدات التي تُواجهنا في عالم اليوم، والتي يُمكن أن نفعل شيئًا للحد منها بتبيانها كخطرٍ وجودي، وتكثيف التعاون الدولي لصياغة وتنفيذ التدابي…Read more
  •  108
    ليس هناك مركز وحيد للكون، أو «حافة» قابلة للتمييز. ولو كان هناك مركز وحافة، فلابد وأن نتوقع رؤية تركيز للمادة في اتجاه واحد (صوب المركز)، وترقيقًا للمادة في الاتجاه الآخر (أي صوب الحافة)؛ فهل يعنى ذلك أن الكون أو «متصل الزمان – مكان» لامتناهٍ في الامتداد؟
  •  100
    يرى العباقرة العالم بطرقٍ مختلفة عن الآخرين، ولذا كثيرًا ما يواجهون صعوبة في التفاعل مع المُحيطين بهم، بل ويُتهمون بالجنون، وهو ما عبر عنه «أرسطو» بقوله «لا توجد عبقرية عظيمة دون لمسة من الجنون». وسواء قبلنا ذلك أو لم نقبله، فإن طريق العبقرية والإبداع – كما تُظهر السير الذاتية لكبار العلماء والمخترعين – هو طريق طويل ومتعرج، مرصوف بطقوسٍ وعادات غريبة يصعب أن نجد لها تفسيرًا. النماذج التالية مجرد لمحات سريعة لأغرب عادات العلماء الذين ساهموا في بناء حضارتنا الإنسانية وغيروا مجرى التاريخ، وهي تؤكد أ…Read more
  •  99
    تعمل الكلمات كروابط لإدراكات متباينة، ما يسمح لنا بتجميع التجارب الحسية المختلفة تحت مُسمى واحدًا. ينطبق هذا بشكل خاص على المفاهيم التي تُشير إلى أشياء يمكننا رؤيتها أو لمسها، لكننا ما زلنا لا نفهم حقًا كيف تعمل اللغة في تشكيل معنى المفاهيم الأكثر تجريدًا، أو كيف تسمح لنا بتجميع الخبرات معًا تحت مظلة مصطلح واحد يشير إلى شيء لا يمكننا الإشارة إليه أو رؤيته أو لمسه. هذا ما تناقشه «ماريانا مارسيلا بولونيسي» (الأستاذ المشارك بقسم اللغات والآداب والثقافات الحديثة بجامعة بولونيا) في مقال لها تحت عنوان…Read more
  •  98
    الطبيعة لا تهتم بك؛ إنها لا تُعلن الحرب عليك، ولا تُبرم معك اتفاقًا للسلام، ولا يعنيها أن تحيا أو تموت، قد يبدو ذلك قاسيًا، لكنها الحقيقة! وبالمعنى الدقيق، الطبيعة الحية لا تهتم بأي شخص أو بأي شيء في أي مكانٍ وزمان؛ كل ما تفعله هو نقل الجينات من جيلٍ إلى جيل وفقًا للقوانين التي شرعها الله لها، وهي في مسلكها هذا لا توصف بالخير أو بالشر، ولا تعرف قصدية الإنسان المرهونة بالوعي! بعبارة أخرى، لا توجد فيروسات جيدة أو سيئة، أو صالحة أو طالحة بطبيعتها، فالدافع الآلي لكافة الحيوانات هو البقاء والتكاثر، ح…Read more
  •  93
    في محاورتي «ثياتيتوس» و«مينو» اقترح أفلاطون أنه من الممكن تعريف «المعرفة» بأنها «اعتقادٌ صادق مُبرر». ومعنى هذا التعريف أننا نستطيع القول («س» يعرف أن «ق» إذا، وفقط إذا، كان «س» يعتقد أن «ق»؛ وكانت «ق» صادقة؛ وكان اعتقاد «س» له ما يُبرره). ولأكثر من ألفي عام، ظل هذا التعريف مقبولاً من قبل الفلاسفة، انطلاقًا من أن قابلية أية معلومة للتبرير، فضلاً عن صدقها وكونها اعتقادًا، هي شروطٌ معقولة لكي تمثل «معرفة». وفي سنة 1963، نشر الفيلسوف الأمريكي «إدموند جيتيه» مقالاً من ثلاث صفحات تحت عنوان «هل الاعتق…Read more