Andaloussi Hamza

تنتمي هذه الدراسة إلى حقل أنثروبولوجيا الفن عامةً وأنثروبولوجيا العمل الفني بشكل خاص، ونتوخى من خلالها تقديم قراءة جديدة لإشكالية المرأة وموقعها داخل النسيج السوسيو-ثقافي في المجتمع المغربي؛ والحال أن صفة "الجِدَّة" في الدراسة تتمثل أساسا في الاشتغال على المرأة المغربية لا كموضوع له وجود في الواقع الاجتماعي، إنما سَنَدْرُسُها كموضوع فني وجمالي، تماماً كما تَحْضُرُ في مِخْيَال الفنانين المغاربة والأجانب على السواء. وقد اعتمدنا لأجل ذلك المنهج "البيبليوغرافي التحليلي"، إذ سنقوم باستقراء مختلف الأدبيات الأنثروبولوجية حول موضوع "المرأة في الفنون"، وذلك وفقاً لأدوات تحليلية من قبيل " التفييء " و"التتبع الكرونولوجي" للكتابات. في الختام، ينتهي بحثنا إلى خلاصة مفادها أن مضامين الأعمال الفنية تَعْكِسُ حضورا مزدوجا للهوية الأنثوية المغربية، بين تقليد فني كلاسيكي يُصَوِّرُهَا كشيء جميل يغوي الرجال ويفتنهم، وتيار آخر طليعي يقوده فنانون مناضلون، يحاولون في أعمالهم المعاصرة نقد الهيمنة الذكورية ومظاهر تشييء المرأة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمجال السينما المغربية.

نسعى من خلال هذا الكتاب إلى دراسة تمثلات المخرجين الأجانب للمدينة المغربية باعتبارها نموذجا للفضاء الحضري الغريب عنهم، وذلك عبر تحليل مضمون أفلامهم التي دارت كل أحداثها أو بعض منها في مدينة طنجة -نموذج الدراسة-. أما دافعنا فيتجلى أولا في تقديم قراءة أنثربولوجية للعمل الفني تأتي في ظل الفقر البَيّن الذي يعتري المكتبة المغربية الأنثربولوجية والسوسيولوجية في هذا المجال؛ كما أننا نسعى ثانيا إلى بَلورة نص علمي ينبني في أسسه على النظريات الاستطيقية الكلاسيكية التي يستعين بها نقاد السينما عادة في كتاباتهم، لكنه يتجاوزها من خلال انفتاحه على جهاز مفاهيمي ثري ينهل من مشارب علمية إنسانية عديدة، ومبرر ذلك يتعلق بطبيعة الصورة السينمائية المُرَكَّبَة، فهي من جهة تزخر بالدلالات السيميولوجية، كما تُظهر الوقائع السوسيولوجية، زيادة على كونها تُمَثِلُ انعكاسا ممكنا لإديولوجية ومخيال المخرج

نَرُومُ من خلال هذه الدراسة استقراء ما تُتِيحُه البيبليوغرافيا البحثية حول موضوع أفلام المرأة وقضايا الجندر في السينما، إذ سَنَعْمَدُ على تحليل الدراسات المتوفِّرة بشكل نقدي، وذلك بغية الوقوف على حدود ما كُتب حول الموضوع. والحال أن مراجعاتنا النقدية قد قادتنا إلى الخروج باستنتاج مفاده أن حقل الدراسات السينمائية في العالم العربي عامةً والمغرب خاصةً لا يزال يُعاني من شُحٍّ على مستوى الكم، فقلة قليلة هم الباحثون في العلوم الإنسانية الذين يهتمون بموضوع السينما والثقافة البصرية، وظواهرها المركبة، التي تلتقي فيها رهانات المخرجين وجمالية أعمالهم مع تطلعات الجمهور وردود أفعالهم. زيادة على ذلك، سنحاول في هذه الدراسة بَيَان الدواعي الواقعية التي تستدعي توجيه بوصلة البحث نحو الاهتمام بقضايا السينما، كما سنحاول إثبات الفعالية العلمية لسوسيولوجيا السينما كمبحث بمقدوره تجاوز أحكام القيمة التي تتخلل كتابات النقد الفني حول سينما المرأة، وبمقدوره أيضا تجاوز القصور الذي يَسِمُ المقاربات السيميولوجية التي تَحْصِرُ نفسها في تحليل المضمون الداخلي للأفلام فقط

تندرج هذه الدراسة ضمن مبحث أنثروبولوجيا الصورة، وتستهدف الحفر في الجذور الثقافية المُشكلة لجماليات التعبير الفني في المغرب مع التركيز على فن مخصوص هو السينما. في ذات السياق، سنعمل على تتبع السيرورة التاريخية للتفاعل الثقافي الذي شهده المجتمع المغربي، وذلك عبر تسليط الضوء على خصائص الموارد المختلفة التي نَهَلَ منها التعبير الفني، ونقصد هنا الإشارة إلى تفاعل الموارد الآتية وتلاقحها: المورد العربي-الإسلامي والمورد الأمازيغي والمورد المتوسطي والمورد الإفريقي-صحراوي؛ أما الجزء الثاني من الدراسة فيقتصر على تحليل الأساليب الفنية المُعتمدة في عدد من الأفلام السينمائية المغربية، وذلك لغرض كشف النقاب عن المنطلقات الفكرية الخاصة بالمخرجين المغاربة، والتي تحدد تمثلاتهم للإنسان المغربي، وللتحولات الاجتماعية في المغرب، وأيضا تمثلاتهم حول مكانة كل من المرأة والرجل داخل المجتمع.